تقديم:
لم يكن الانتقال من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة مفاجئا أو واضحا أو محددا بعدد من السنين، وإنما تم بشكل تدريجي، ويعتبر عصر النهضة مرحلة انتقال بين العصور الوسطى والعصور الحديثة.
وقد اتّفق المؤرّخون على أنّ عصر النهضة في أوربا، بدأ في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، حيث شرع الأوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف الإغريقية والعربية ، مترافقة بحركة نشطة للاستكشافات الجغرافية، وتبع ذلك أيضا، الانتقال من المنهج الفلسفي إلى المنهج العلمي التجريبي، في دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية.
لم يكن الانتقال من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة مفاجئا أو واضحا أو محددا بعدد من السنين، وإنما تم بشكل تدريجي، ويعتبر عصر النهضة مرحلة انتقال بين العصور الوسطى والعصور الحديثة.
وقد اتّفق المؤرّخون على أنّ عصر النهضة في أوربا، بدأ في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، حيث شرع الأوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف الإغريقية والعربية ، مترافقة بحركة نشطة للاستكشافات الجغرافية، وتبع ذلك أيضا، الانتقال من المنهج الفلسفي إلى المنهج العلمي التجريبي، في دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية.
ويمكن أن نعرف النهضة أنها حركة لإحياء التراث القديم، أو بمعنى آخر هي عبارة عن ذلك التطور في كل من الفنون والآداب والعلوم، وطرق التعبير، و الدراسات، وما صاحب ذلك من تغير في أسس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية والدينية و السياسية.
فأوروبا العصور الوسطى كانت تتجه إلى الزهد في الدنيا، والتبتل إلى الآخرة، وذلك نتيجة هيمنة رجال الكنيسة على مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني، فحاربوا المفكرين، وحاكموهم بقسوة، واحتكروا زعامة المجتمع، فتفشت فيه الخرافات وعم الجهل، فلم ينتفع الجمهور باللغة اللاتينية، لأنها كانت محتكرة لدى طائفة من رجال الكنيسة ولم تكن صناعة الورق، أو فن الطباعة معروفين في أوروبا، ولهذا كان المجتمع الأوروبي متخلفاً ويئن تحت وطأة الإقطاع ، ويعاني من ويلات الحروب الإقطاعية والتجزئة السياسية.
وهذا ما ساهم في سيادة فلسفة العصور الوسطى القائمة على إنكار قيمة الإنسان كعقل وروح وجسد له حقوقه الإنسانية مثلما عليه من واجبات، فلكي يحافظ النظام الإقطاعي على نفسه كان لابد من إلغاء حق الإنسان في التطلع إلى الأفضل، فساعدته الكنيسة بتأطير مفهوم إنكار النفس والذات بإطار لاهوتي يؤكد أن حياة الآخرة هي الهدف ولا قيمة للحياة الدنيا، وأن على الإنسان أن لا يعترض عما كتب له مهما بلغ من سوء، مناقضة بذلك المبادئ الدينية التي تؤكد على الإنسان ودوره في الحياة الدنيا والآخرة.
يتضح من خلال ما سبق أنه لم يكن هناك مجال للفرد كي يبدع أو يبتكر، بل كانت التقاليد والأعراف السائدة تحطم كل رغبة تهدف إلى تحكيم العقل وإتباع المناقشة سبيلا للوصول إلى الحقيقة، وهكذا لم يكن من المستساغ أن تبقى الكنيسة حاكمة بأمرها في تفكير الناس، أو أن يظل حجرها على العقول والأفكار وتقرير قيم ما يصح ومالا يصح من المعارف الإنسانية ساري المفعول، وكرد صريح وواضح جاءت النهضة بفلسفة تناقض تماما فلسفة العصور الوسطى بل تتحداها في التأكيد على الإنسان ودوره في الحياة. فما هي أهم دوافع النهضة الأوربية؟ و أين تجلت مظاهرها؟ وكيف انعكست النهضة على الإصلاح الديني؟
بوادر قيام النهضة الأوربية:انبعاث النهضة من ايطاليا: سبقت إيطاليا غيرها من دول أوربا في النهضة التي بدأت فيها قبل منتصف القرن الرابع عشر ميلادي في حين لم تظهر في الدول الأخرى إلا في القرون الموالية.
ويعود سبب ظهور أولى بوادر الانبعاث الحضاري في ايطاليا قبل غيرها من دول أوربا إلى أن ايطاليا كانت مركز الإمبراطورية الرومانية ونواتها وعليه أن سقوط هذه الإمبراطورية لم يؤد إلى تحول ايطاليا نحو الإقطاع بشكل تام كما حدث في فرنسا وألمانيا مثلا. فقد حافظت مدن ايطالية عديدة على مظاهر الحياة المدنية ونشطت فيها التجارة والطبقة الوسطى، وفي الوقت الذي أطبق نظام الإقطاع بزمامه على غربي أوربا بقيت المؤسسات السياسية والاجتماعية لهذه المدن، والموروثة من أيام إمبراطوريتهم الرومانية، حية فاعلة مثل البندقية وجنوة ونابولي وبيزا وفلورنسة التي شكلت إمارات مستقلة، و لا شك أن قرب هذه المدن من الإمبراطورية البيزنطية ووقوعها على خطوط التجارة الدولية أبقى لها بعض صناعتها ونشاطها التجاري الملحوظ مما زاد في قدرتها على مقاومة التحول نحو الإقطاع.
وهكذا كانت المدن الايطالية هي وحدها القادرة على حمل لواء البعث الجديد في أوربا بوجه نظام الإقطاع يساعدها في ذلك عوامل رئيسية ثلاث هي :
لم تنطفئ شعلة الحضارة الرومانية تماما في شبه الجزيرة الايطالية أيام العصور الوسطى رغم ما تعرضت له البلاد من انحطاط وتدهور بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، فقد بقيت معظم آثارها من أبنية شاهقة ومنشئات وجسور وتماثيل ومخطوطات علمية وأدبية مما كان يبعث في نفوس الايطاليين مشاعر الفخر والاعتزاز بالماضي الحضاري العريق الذي ظلت آثاره شاخصة أمام أعينهم تمني أنفسهم بالعودة إلى ذلك الماضي ببعثه من جديد.
أن ممارسة حكام وسكان المدن الايطالية للتجارة وأعمال النقل البحري أيام الحروب الصليبية وبعدها قد ساعدهم على جمع المال والذهب مما جعل هذه المدن قادرة على القيام بحركة النهضة والانبعاث، كما أصبحت هذه المدن مركزا لنقل التراث والثقافة العربية الإسلامية ومدارسها الفلسفية إلى أوربا إضافة إلى اهتمامها بالثقافة اليونانية التي عرفوا عنها عن طريق العرب.
تنافس أمراء المدن الايطالية فيما بينهم في صرف المبالغ الكبيرة لتشجيع الآداب والعلوم والمساهمة في بناء المكتبات العامة والخاصة ورعاية فنون النحت والتصوير والعمارة، فاستفادة من ذلك كثير من الفنانين والأدباء والفلاسفة والمؤرخين بحصولهم على رعاية الحكام والأثرياء ماديا ومعنويا مما دفعهم إلى أن يقدموا نتاجا أفضل و أوفر. وهذا ما ساهم في جلب عدد كبير من العلماء إلى إيطاليا خاصةً بعد سقوط القسطنطينية، الذين حملوا معهم كلما استطاعوا من كتب إغريقية وتماثيل وأدوات قديمة، وهناك تعاونوا على بعث الثقافة اللاتينية وتطويرها في قالب جديد كان نواة للنهضة الأوربية.
انتقال النهضة إلى غرب أوربا: لعبت عوامل عديدة دورا مهما في انتقال النهضة من ايطاليا إلى باقي أقطار أوربا الغربية، ومن بين هذه العوامل على سبيل الذكر وليس الحصر، نورد ما يلي:
الاختراعات الجديدة : وأهمها صناعة الورق والصباغة، اللذان لا يخفى أثرهما في نشر العلوم والثقافة بين أفراد الشعب، وخاصة بعدما طور الأوروبيون صناعتهما إثر اختراع العالم الألماني يوحنا غوتنبرغ سنة 1450 ميلادي للطباعة بالحروف المتحركة، وهذا الاختراع سهل عملية توزيع المؤلفات العلمية والأدبية على جماهير الشعب ومنها كتب التراث التي امتد توزيعها ونشرها خارج ايطاليا خاصة مع ظهور الترجمة الواسعة النطاق التي عملت على ترجمة العديد من الكتب العربية إلى اللاتينية، بالإضافة إلى ترجمة بعض الكتب كالكتاب المقدس إلى اللغات المحلية
وبالإضافة إلى آلة الطباعة، استفادت أوربا أيضا من جملة من المخترعات الجديدة التي استعانت بها لتغيير أوضاعها القديمة والسير قدما في تحقيق نهضتها، فاستعمال البارود أفاد الأوربيين كثيرا خاصة في حروبهم التي خاضوها ضد قلاع الإقطاعيين الذين كانوا يكثرون التجزئة ويقفون عائقاً أمام ظهور الدولة القومية. أما استعمال البوصلة والإسطرلاب كان لهما دور فعال في حركة الكشوفات الجغرافية التي ستتوج باكتشاف العالم الجديد وانتقال أوربا الغربية من مرحلة الكمون إلى مرحلة الانفتاح على العالم والاستفادة من خيراته وثرواته.
أن الباحثين وطلبة العلم من بلدان أوربا الغربية أخذوا يترددون على جامعات ايطاليا وأكاديمياتها للدراسة على يد الأساتذة الايطاليين، وقد كان هؤلاء الأوربيون الغربيون متأثرين بفكر النهضة الايطالية معجبين بالتراث القديم وبعقلية الإنسانيين.
ومن جانب آخر أخذ الإنسانيون الإيطاليون يتجولون في أوربا الغربية ليبشروا بأفكار النهضة وليعلموا الناس آداب القدماء وفنونهم، ومن تم بعث الآداب القديمة وإحيائها، مما أدى إلى ثورة ترمي إلى التحرر من الجمود الذي أصاب العقول، وإلى منح الفكر الإنساني روح القوة الحيوية، وقد كان لهذه الاتصالات أثرها بحيث أن جامعات أوربية كثيرة استدعت أساتذة ومحاضرين ايطاليين ليدرسوا طلبتها فكر النهضة الايطالية وفنونها وآدابها.
الاكتشافات العلمية ونشأة العلوم الطبيعية، حيث طرأت عدة كشوف علمية وسعت من رقعة العالم، وذهبت بآفاق الناس وإدراكاتهم عن الكون إلى أفسح مجال.
انتشار المدن الجديدة التي ساهمت في انتقال المجتمع الأوربي من النظام الإقطاعي الذي كان يعتمد على القرية والزراعة إلى نمو النشاط التجاري والاحتكاك الفكري.
كما أن انتعاش التجارة بين الغرب والشرق و خاصة عبر البحر المتوسط، جعل المدن الأوروبية المطلة عليه تشهد رخاءً اقتصادياً ساعد على ظهور طبقة غنية استأثرت بالسلطة و تحررت من السيادة الإقطاعية فنافستها واستقلت عنها معززة هذا الاستقلال بتبادل السفراء والقناصل مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات تجارية، وكذلك بإحاطة نفسها بمظاهر البذخ والترف مما جعلها تشجع حركة النهضة وتتنافس فيما بينها على رعاية فنانيها وأدبائها وعلمائها.
انتشر استعمال اللغة الوطنية بعدما كانت اللغة اللاتينية وهي لغة العلم والثقافة محصورة في رجال الدين، لهذا تنبه الأوروبيين إلى ضرورة استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب، وقد كان لتشجيع بعض الحكومات الأوروبية للغات القومية وإقبال بعض الكتاب على التأليف بها أثر كبير في نشر الثقافة بين طبقات الشعب.
أثر الفكر الإسلامي على أوروبا : مما يوضح مدى أثر الفكر الإسلامي على أوربا ما نقل عن الفلاسفة الأوربيين أنفسهم من إقرار بذلك، يقول سلفادور نوجالس: (أنا مقتنع كل الاقتناع بأن هناك تأثيراً مباشراً للفلسفة الإسلامية في أوربا في القرون الوسطى، بل أقول أكثر من ذلك: إنه لولا هذا التأثير الذي كان للفلسفة الإسلامية على الفلسفة المسيحية ربما ما كانت الفلسفة المسيحية تقدر على اجتياز تلك الخطوة العملاقة، التي نقدرها عند عباقرة الفلسفة المدرسية) " محمود حمدي زقزوق، دور الإسلام في تطور الفكر الفلسفي ص 16 ".
IIمظاهر النهضة الأوروبية : خلال عصر النهضة قام عدد كبير من العلماء والفنانين الأوروبيين ـ في إيطاليا خاصة ـ بدراسة علوم بلاد اليونان وروما القديمة وفنونهما حيث أراد هؤلاء بعث روح الثقافتين الإغريقية والرومانية في أعمالهم الفنية والأدبية والفلسفية. وكانت هاتين الثقافتين تعرفان غالبًا بالتراث الكلاسيكي. وكان أول من اهتم بها العرب، خاصة في مجال العلوم، كما كانت مثل هذه المعارف قد أصبحت مفقودة في أوروبا؛ لذلك كان الإسهام العربي الكبير في نقل أغلب إنجازات الإغريق والرومان وما أضافوه من المخترعات والعلوم هو الأساس الذي فجر النهضة في أوروبا، وكان عصر النهضة بعثًا لهذه الثقافات، ولذلك يعرف أيضًا بأنه إحياء للتراث القديمة أو إحياء المعرفة.
ومن بين أهم مظاهر هذه النهضة نجد :
1- حركة إحياء التراث: وهي محاولة العودة إلى التراث اليوناني والروماني لدراسته والتعرف على ما فيه من علم ومعرفة ظهرت في, وتعتبر هذه الحركة من أبرز وربما من أول المظاهر عصر الانبعاث. وقد القرنين الأخيرين من القرون الوسطى 1300م – 1500م عندما أخد المثقفون في المدن يهتمون بالبحث عن المخطوطات اليونانية واللاتينية وجمعها ودراستها وساهم بعض النبلاء ورجال المال و أساتذة الجامعات ورجال الدين في تشجيع هذه الحركة. وهاجر الكثير من الايطاليين إلى القسطنطينية للبحث عن تلك المخطوطات ولدراسة اللغة اليونانية والتعمق في فنونها وقواعدها. وكان أشهر هؤلاء الايطالي فيليلفو
(1398م– 14811م) الذي أصبح من أبرز علماء اليونانية في عصره. كما نشطت حركة الترجمة, فترجمت الكثير من مؤلفات أفلاطون وأرسطو وسقراط.
2- الحركة الإنسية:ارتبطت الحركة الإنسانية بإحياء التراث وقد أطلق اسم الإنسانيين على هذه الحركة لأن المعنيين بها كانوا يهتمون بدراسة الإنسان نفسه وهو أمر جديد, ذلك أن العصور الوسطى تناست إنسانية الإنسان واهتمت بروحه فقط وبعلاقته بالخالق واليوم الأخر. ولقد ظهرت حركة الإنسانيين لأول مرة في إيطاليا ومنها انتشرت إلى المدن الأوروبية الأخرى خاصة المدن الفرنسية والألمانية والهولندية.
ويعتبر فرانسيسكو بترارك من أوائل إنسانيي عصر النهضة. حيث كشف في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي النقاب عن عدد كبير من المخطوطات القديمة المهمة التي كانت مهملة منذ زمن بعيد. فقد اكتشف أعظم هذه الأعمال تأثيرًا، ألا وهي رسائل إلى آتيكوس. وهي مجموعة من الرسائل حول الحياة السياسية الرومانية كتبها السياسي والخطيب ماركوس توليوس شيشرون.
كما يعتبر الهولندي إيرازم كذلك من أشهر من مثل الفكر الإنسي حيث استطاع التوفيق بين الفلسفة القديمة والأخلاق المسيحية, وقضى حياته متنقلا بين الدول الأوروبية يدرس ويناقش, وفي سنة 1511م نشر كتابه "مدح الجنون" ينتقد فيه المجتمع الإقطاعي وينادي بالإصلاح ولقد ترجمته إلى اللاتينية ولقي تحقيقه لكتاب العهد الجديد قبولا كبيرا، ورغم تنديد ايرازم لتجاوزات رجال الكنيسة ظل وفيا للبابوية.
ويعود سبب ظهور أولى بوادر الانبعاث الحضاري في ايطاليا قبل غيرها من دول أوربا إلى أن ايطاليا كانت مركز الإمبراطورية الرومانية ونواتها وعليه أن سقوط هذه الإمبراطورية لم يؤد إلى تحول ايطاليا نحو الإقطاع بشكل تام كما حدث في فرنسا وألمانيا مثلا. فقد حافظت مدن ايطالية عديدة على مظاهر الحياة المدنية ونشطت فيها التجارة والطبقة الوسطى، وفي الوقت الذي أطبق نظام الإقطاع بزمامه على غربي أوربا بقيت المؤسسات السياسية والاجتماعية لهذه المدن، والموروثة من أيام إمبراطوريتهم الرومانية، حية فاعلة مثل البندقية وجنوة ونابولي وبيزا وفلورنسة التي شكلت إمارات مستقلة، و لا شك أن قرب هذه المدن من الإمبراطورية البيزنطية ووقوعها على خطوط التجارة الدولية أبقى لها بعض صناعتها ونشاطها التجاري الملحوظ مما زاد في قدرتها على مقاومة التحول نحو الإقطاع.
وهكذا كانت المدن الايطالية هي وحدها القادرة على حمل لواء البعث الجديد في أوربا بوجه نظام الإقطاع يساعدها في ذلك عوامل رئيسية ثلاث هي :
لم تنطفئ شعلة الحضارة الرومانية تماما في شبه الجزيرة الايطالية أيام العصور الوسطى رغم ما تعرضت له البلاد من انحطاط وتدهور بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، فقد بقيت معظم آثارها من أبنية شاهقة ومنشئات وجسور وتماثيل ومخطوطات علمية وأدبية مما كان يبعث في نفوس الايطاليين مشاعر الفخر والاعتزاز بالماضي الحضاري العريق الذي ظلت آثاره شاخصة أمام أعينهم تمني أنفسهم بالعودة إلى ذلك الماضي ببعثه من جديد.
أن ممارسة حكام وسكان المدن الايطالية للتجارة وأعمال النقل البحري أيام الحروب الصليبية وبعدها قد ساعدهم على جمع المال والذهب مما جعل هذه المدن قادرة على القيام بحركة النهضة والانبعاث، كما أصبحت هذه المدن مركزا لنقل التراث والثقافة العربية الإسلامية ومدارسها الفلسفية إلى أوربا إضافة إلى اهتمامها بالثقافة اليونانية التي عرفوا عنها عن طريق العرب.
تنافس أمراء المدن الايطالية فيما بينهم في صرف المبالغ الكبيرة لتشجيع الآداب والعلوم والمساهمة في بناء المكتبات العامة والخاصة ورعاية فنون النحت والتصوير والعمارة، فاستفادة من ذلك كثير من الفنانين والأدباء والفلاسفة والمؤرخين بحصولهم على رعاية الحكام والأثرياء ماديا ومعنويا مما دفعهم إلى أن يقدموا نتاجا أفضل و أوفر. وهذا ما ساهم في جلب عدد كبير من العلماء إلى إيطاليا خاصةً بعد سقوط القسطنطينية، الذين حملوا معهم كلما استطاعوا من كتب إغريقية وتماثيل وأدوات قديمة، وهناك تعاونوا على بعث الثقافة اللاتينية وتطويرها في قالب جديد كان نواة للنهضة الأوربية.
انتقال النهضة إلى غرب أوربا: لعبت عوامل عديدة دورا مهما في انتقال النهضة من ايطاليا إلى باقي أقطار أوربا الغربية، ومن بين هذه العوامل على سبيل الذكر وليس الحصر، نورد ما يلي:
الاختراعات الجديدة : وأهمها صناعة الورق والصباغة، اللذان لا يخفى أثرهما في نشر العلوم والثقافة بين أفراد الشعب، وخاصة بعدما طور الأوروبيون صناعتهما إثر اختراع العالم الألماني يوحنا غوتنبرغ سنة 1450 ميلادي للطباعة بالحروف المتحركة، وهذا الاختراع سهل عملية توزيع المؤلفات العلمية والأدبية على جماهير الشعب ومنها كتب التراث التي امتد توزيعها ونشرها خارج ايطاليا خاصة مع ظهور الترجمة الواسعة النطاق التي عملت على ترجمة العديد من الكتب العربية إلى اللاتينية، بالإضافة إلى ترجمة بعض الكتب كالكتاب المقدس إلى اللغات المحلية
وبالإضافة إلى آلة الطباعة، استفادت أوربا أيضا من جملة من المخترعات الجديدة التي استعانت بها لتغيير أوضاعها القديمة والسير قدما في تحقيق نهضتها، فاستعمال البارود أفاد الأوربيين كثيرا خاصة في حروبهم التي خاضوها ضد قلاع الإقطاعيين الذين كانوا يكثرون التجزئة ويقفون عائقاً أمام ظهور الدولة القومية. أما استعمال البوصلة والإسطرلاب كان لهما دور فعال في حركة الكشوفات الجغرافية التي ستتوج باكتشاف العالم الجديد وانتقال أوربا الغربية من مرحلة الكمون إلى مرحلة الانفتاح على العالم والاستفادة من خيراته وثرواته.
أن الباحثين وطلبة العلم من بلدان أوربا الغربية أخذوا يترددون على جامعات ايطاليا وأكاديمياتها للدراسة على يد الأساتذة الايطاليين، وقد كان هؤلاء الأوربيون الغربيون متأثرين بفكر النهضة الايطالية معجبين بالتراث القديم وبعقلية الإنسانيين.
ومن جانب آخر أخذ الإنسانيون الإيطاليون يتجولون في أوربا الغربية ليبشروا بأفكار النهضة وليعلموا الناس آداب القدماء وفنونهم، ومن تم بعث الآداب القديمة وإحيائها، مما أدى إلى ثورة ترمي إلى التحرر من الجمود الذي أصاب العقول، وإلى منح الفكر الإنساني روح القوة الحيوية، وقد كان لهذه الاتصالات أثرها بحيث أن جامعات أوربية كثيرة استدعت أساتذة ومحاضرين ايطاليين ليدرسوا طلبتها فكر النهضة الايطالية وفنونها وآدابها.
الاكتشافات العلمية ونشأة العلوم الطبيعية، حيث طرأت عدة كشوف علمية وسعت من رقعة العالم، وذهبت بآفاق الناس وإدراكاتهم عن الكون إلى أفسح مجال.
انتشار المدن الجديدة التي ساهمت في انتقال المجتمع الأوربي من النظام الإقطاعي الذي كان يعتمد على القرية والزراعة إلى نمو النشاط التجاري والاحتكاك الفكري.
كما أن انتعاش التجارة بين الغرب والشرق و خاصة عبر البحر المتوسط، جعل المدن الأوروبية المطلة عليه تشهد رخاءً اقتصادياً ساعد على ظهور طبقة غنية استأثرت بالسلطة و تحررت من السيادة الإقطاعية فنافستها واستقلت عنها معززة هذا الاستقلال بتبادل السفراء والقناصل مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات تجارية، وكذلك بإحاطة نفسها بمظاهر البذخ والترف مما جعلها تشجع حركة النهضة وتتنافس فيما بينها على رعاية فنانيها وأدبائها وعلمائها.
انتشر استعمال اللغة الوطنية بعدما كانت اللغة اللاتينية وهي لغة العلم والثقافة محصورة في رجال الدين، لهذا تنبه الأوروبيين إلى ضرورة استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب، وقد كان لتشجيع بعض الحكومات الأوروبية للغات القومية وإقبال بعض الكتاب على التأليف بها أثر كبير في نشر الثقافة بين طبقات الشعب.
أثر الفكر الإسلامي على أوروبا : مما يوضح مدى أثر الفكر الإسلامي على أوربا ما نقل عن الفلاسفة الأوربيين أنفسهم من إقرار بذلك، يقول سلفادور نوجالس: (أنا مقتنع كل الاقتناع بأن هناك تأثيراً مباشراً للفلسفة الإسلامية في أوربا في القرون الوسطى، بل أقول أكثر من ذلك: إنه لولا هذا التأثير الذي كان للفلسفة الإسلامية على الفلسفة المسيحية ربما ما كانت الفلسفة المسيحية تقدر على اجتياز تلك الخطوة العملاقة، التي نقدرها عند عباقرة الفلسفة المدرسية) " محمود حمدي زقزوق، دور الإسلام في تطور الفكر الفلسفي ص 16 ".
IIمظاهر النهضة الأوروبية : خلال عصر النهضة قام عدد كبير من العلماء والفنانين الأوروبيين ـ في إيطاليا خاصة ـ بدراسة علوم بلاد اليونان وروما القديمة وفنونهما حيث أراد هؤلاء بعث روح الثقافتين الإغريقية والرومانية في أعمالهم الفنية والأدبية والفلسفية. وكانت هاتين الثقافتين تعرفان غالبًا بالتراث الكلاسيكي. وكان أول من اهتم بها العرب، خاصة في مجال العلوم، كما كانت مثل هذه المعارف قد أصبحت مفقودة في أوروبا؛ لذلك كان الإسهام العربي الكبير في نقل أغلب إنجازات الإغريق والرومان وما أضافوه من المخترعات والعلوم هو الأساس الذي فجر النهضة في أوروبا، وكان عصر النهضة بعثًا لهذه الثقافات، ولذلك يعرف أيضًا بأنه إحياء للتراث القديمة أو إحياء المعرفة.
ومن بين أهم مظاهر هذه النهضة نجد :
1- حركة إحياء التراث: وهي محاولة العودة إلى التراث اليوناني والروماني لدراسته والتعرف على ما فيه من علم ومعرفة ظهرت في, وتعتبر هذه الحركة من أبرز وربما من أول المظاهر عصر الانبعاث. وقد القرنين الأخيرين من القرون الوسطى 1300م – 1500م عندما أخد المثقفون في المدن يهتمون بالبحث عن المخطوطات اليونانية واللاتينية وجمعها ودراستها وساهم بعض النبلاء ورجال المال و أساتذة الجامعات ورجال الدين في تشجيع هذه الحركة. وهاجر الكثير من الايطاليين إلى القسطنطينية للبحث عن تلك المخطوطات ولدراسة اللغة اليونانية والتعمق في فنونها وقواعدها. وكان أشهر هؤلاء الايطالي فيليلفو
(1398م– 14811م) الذي أصبح من أبرز علماء اليونانية في عصره. كما نشطت حركة الترجمة, فترجمت الكثير من مؤلفات أفلاطون وأرسطو وسقراط.
2- الحركة الإنسية:ارتبطت الحركة الإنسانية بإحياء التراث وقد أطلق اسم الإنسانيين على هذه الحركة لأن المعنيين بها كانوا يهتمون بدراسة الإنسان نفسه وهو أمر جديد, ذلك أن العصور الوسطى تناست إنسانية الإنسان واهتمت بروحه فقط وبعلاقته بالخالق واليوم الأخر. ولقد ظهرت حركة الإنسانيين لأول مرة في إيطاليا ومنها انتشرت إلى المدن الأوروبية الأخرى خاصة المدن الفرنسية والألمانية والهولندية.
ويعتبر فرانسيسكو بترارك من أوائل إنسانيي عصر النهضة. حيث كشف في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي النقاب عن عدد كبير من المخطوطات القديمة المهمة التي كانت مهملة منذ زمن بعيد. فقد اكتشف أعظم هذه الأعمال تأثيرًا، ألا وهي رسائل إلى آتيكوس. وهي مجموعة من الرسائل حول الحياة السياسية الرومانية كتبها السياسي والخطيب ماركوس توليوس شيشرون.
كما يعتبر الهولندي إيرازم كذلك من أشهر من مثل الفكر الإنسي حيث استطاع التوفيق بين الفلسفة القديمة والأخلاق المسيحية, وقضى حياته متنقلا بين الدول الأوروبية يدرس ويناقش, وفي سنة 1511م نشر كتابه "مدح الجنون" ينتقد فيه المجتمع الإقطاعي وينادي بالإصلاح ولقد ترجمته إلى اللاتينية ولقي تحقيقه لكتاب العهد الجديد قبولا كبيرا، ورغم تنديد ايرازم لتجاوزات رجال الكنيسة ظل وفيا للبابوية.
3- النهضة الفنية : انعكست حركة إحياء التراث بشكل واضح في النهضة الفنية التي تجلت من خلالها معاني الفنون الجميلة، حيث أن الحركة الفنية كانت موجودة في أوربا منذ مطلع القرن الثاني عشر للميلاد، إلا أن الذي يميز النهضة الفنية هو أن فن العمارة والنحت والرسم بالذات بدأ يأخذ 4اتجاهات جديدة بحكم تأثير موجة إحياء التراث، يضاف إلى هذا أن النهضة الفنية أكدت على الإنسان من خلال النحث والرسم.
ولعبت المدن الايطالية دورا هاما في تقدم الفنون لأنها كانت مراكز الحياة الفنية، وكانت روما بطبيعتها على رأس المدن الايطالية التي احتضنت الفن والفنانين، وقد ساعد بعض الباباوات على ازدهار النهضة الفنية بروما وشيدت بها في هذه الفترة مجموعة من الكنائس كنيسة القديس بطرس التي تعاقب على تزيينها وزخرفتها كبار المعماريين والرسامين والنحاتين.
ولم تقتصر رعاية الفنون على روما بل انتشرت في جميع المدن الأوربية، ويمكن اعتبار فن العمارة والنحت والرسم الأساس الذي ارتكزت عليه النهضة الفنية في أوروبا:
أ- فن العمارة : يعتبر برونلسكي من أبرز معماري عصر النهضة في ايطاليا، فقد درس فنون العمارة الرومانية القديمة وخصوصا عمارة المسارح والمعابد، وحاول أن يوظفها في بعض الأبنية،وقد حقق دلك في كاتدرائية المدينة التي بنيت آنذاك وأصبح لهذا المعماري مدرسة انتمى إليها العديد من معماري عصره، فتهافتوا على دراسة مخلفات الرومان العمرانية وأساليب عمارتها, إلا أن هؤلاء المعماريين لم يأخذوا من التراث كما هو ولم يقلدوه بشكل جامد بل جعلوا العمارة الجديدة معبره عن روح العصر والبيئة.
ولعبت المدن الايطالية دورا هاما في تقدم الفنون لأنها كانت مراكز الحياة الفنية، وكانت روما بطبيعتها على رأس المدن الايطالية التي احتضنت الفن والفنانين، وقد ساعد بعض الباباوات على ازدهار النهضة الفنية بروما وشيدت بها في هذه الفترة مجموعة من الكنائس كنيسة القديس بطرس التي تعاقب على تزيينها وزخرفتها كبار المعماريين والرسامين والنحاتين.
ولم تقتصر رعاية الفنون على روما بل انتشرت في جميع المدن الأوربية، ويمكن اعتبار فن العمارة والنحت والرسم الأساس الذي ارتكزت عليه النهضة الفنية في أوروبا:
أ- فن العمارة : يعتبر برونلسكي من أبرز معماري عصر النهضة في ايطاليا، فقد درس فنون العمارة الرومانية القديمة وخصوصا عمارة المسارح والمعابد، وحاول أن يوظفها في بعض الأبنية،وقد حقق دلك في كاتدرائية المدينة التي بنيت آنذاك وأصبح لهذا المعماري مدرسة انتمى إليها العديد من معماري عصره، فتهافتوا على دراسة مخلفات الرومان العمرانية وأساليب عمارتها, إلا أن هؤلاء المعماريين لم يأخذوا من التراث كما هو ولم يقلدوه بشكل جامد بل جعلوا العمارة الجديدة معبره عن روح العصر والبيئة.
ب- فن النحت: اتخذ فن النحت في تطوره منهجا في الرغبة الجامحة بالتزود من تراث القدماء من رومان ويونان، وكان من أبرز النحاتين دونا تلو الذي أوجد مدرسة خاصة جديدة اعتمدها في أعمال النحت عرفت بالمدرسة الطبيعية.واعتبرت مصدرا أساسيا من مصادر الإلهام لديه. وقد أبرز في أعماله جمال الطبيعة وتناسق الأجساد وتعبير الوجه وسعى دوما لجعل تماثيله طبيعية عادية بعيدة عن التكلف.
ومن أبرز النحاتين كذلك نجد مايكل أنجلو الذي تأثر بالمدرسة الطبيعية و تأثر في الوقت نفسه بالمدارس الإغريقية والفلسفة اليونانية ونظرتها إلى الإنسان, فحاول دائما أن يبرز في أعماله القوة والعظمة التي يمتلكها الإنسان.
و من أهم أعماله نحت المجموعة الرخامية الشهيرة التي تمثل العذراء والطفل وكذلك نحت ورسم سقف كنيسة سيستين في الفاتيكان.
ج- فن الرسم : كان فن الرسم قد بلغ مرحلة لا بأس بها في أواخر العصور الوسطى إلى أنه كان حبيس اتجاهات الكنيسة في خدمة أغراضها، وكان الرسم يتم على جدران الكنائس أو القصور أو على الخشب. أما في عصر النهضة فقد تعلم الرسامون فن الرسم الزيتي وأساليب تحضي الأصباغ ومزجها بالزيت وأصبحوا يعالجون مواضيع بعيدة عن الروح الدينية مستمدين أفكارهم من الطبيعة والحياة والإنسان والجسد, ويعبرون في رسومهم عن العواطف والمشاعر والغرائز والأحاسيس.
وكان أبرز رسامي عصر النهضة هو ليوناردو دافينتشي (1452م- 15199م) الذي بلغ قمة الإبداع في رسمه لوحة العشاء الأخير الشهيرة ولوحة لموناليزا الشهيرة.
ومن أبرز النحاتين كذلك نجد مايكل أنجلو الذي تأثر بالمدرسة الطبيعية و تأثر في الوقت نفسه بالمدارس الإغريقية والفلسفة اليونانية ونظرتها إلى الإنسان, فحاول دائما أن يبرز في أعماله القوة والعظمة التي يمتلكها الإنسان.
و من أهم أعماله نحت المجموعة الرخامية الشهيرة التي تمثل العذراء والطفل وكذلك نحت ورسم سقف كنيسة سيستين في الفاتيكان.
ج- فن الرسم : كان فن الرسم قد بلغ مرحلة لا بأس بها في أواخر العصور الوسطى إلى أنه كان حبيس اتجاهات الكنيسة في خدمة أغراضها، وكان الرسم يتم على جدران الكنائس أو القصور أو على الخشب. أما في عصر النهضة فقد تعلم الرسامون فن الرسم الزيتي وأساليب تحضي الأصباغ ومزجها بالزيت وأصبحوا يعالجون مواضيع بعيدة عن الروح الدينية مستمدين أفكارهم من الطبيعة والحياة والإنسان والجسد, ويعبرون في رسومهم عن العواطف والمشاعر والغرائز والأحاسيس.
وكان أبرز رسامي عصر النهضة هو ليوناردو دافينتشي (1452م- 15199م) الذي بلغ قمة الإبداع في رسمه لوحة العشاء الأخير الشهيرة ولوحة لموناليزا الشهيرة.
4- الميدان الأدبي والعلمي:
- الميدان الأدبي: ظهرت الكتابة باللغات الوطنية حيث برز في فرنسا عدد من الشعراء والمفكرين كتبوا باللغة المتداولة ووضعوا أسس وقواعد الكتابة باللغة الفرنسية، فكتب الشاعر دوبلي دفاعا عن اللغة الفرنسية بين فيه قدرتها على التعبير عن خلجات الفكر والشعور.
وفي ايطاليا كتب مكيافيلي كتابه "الأمير" باللغة الايطالية بين فيه ضرورة فصل الدين عن السياسة، وفي اسبانيا ألف سيرفان تيس قصة "دون كيشوت"، وكان للترجمة التي وضعها لوتر" للإنجيل" أثر كبير على تطور اللغة الألمانية، وفي إنجلترا وضع الروائي شكسبير كل مسرحياته باللغة الإنجليزية. فكان للحركة الإنسية أثر عميق في الأدب الأوربي وبذلك أسهمت الكتابة باللغات الوطنية في تعزيز الشعور القومي لدى الشعوب الأوربية.
وفي ايطاليا كتب مكيافيلي كتابه "الأمير" باللغة الايطالية بين فيه ضرورة فصل الدين عن السياسة، وفي اسبانيا ألف سيرفان تيس قصة "دون كيشوت"، وكان للترجمة التي وضعها لوتر" للإنجيل" أثر كبير على تطور اللغة الألمانية، وفي إنجلترا وضع الروائي شكسبير كل مسرحياته باللغة الإنجليزية. فكان للحركة الإنسية أثر عميق في الأدب الأوربي وبذلك أسهمت الكتابة باللغات الوطنية في تعزيز الشعور القومي لدى الشعوب الأوربية.
- الميدان العلمي:وضع الإنسيون قواعد الفكر العلمي الحديث والذي ساهم في تحرير عقل الإنسان الأوربي حيث نهجوا أسلوبا في البحث يعتمد على المنطق والتجربة في التحليل واستنباط الاستنتاجات، واعتبروا بذلك مؤسسي العلوم التجريبية في أوربا.
وظهرت نظريات لتفسير الكون، فقد أعلن العالم البولوني كوبونيك نظريته التي فند بها اعتقاد الكنيسة في أن الأرض ثابتة وتشكل مركز الكون، وأكد الايطالي غاليلي نظرية كوبونيك واثبت وجود كواكب أخرى إلى جانب المجموعة الشمسية، وتصدت الكنيسة لهذه النظرية
وعرف الطب تقدما فتح الطريق أمام اكتشاف جسم الإنسان وبدأ الأطباء يمارسون التشريح رغم معارضة الكنيسة فتمكن البلجيكي اندري فيزار اعتمادا على التشريح من وضع وصف لأعضاء جسم الإنسان، واكتشف الإسباني ميكل سيرفت الدورة الدموية الصغرى وطور الفرنسي أنبرواز باري العمليات الجراحية لإيقاف النزيف الدموي
لقد روجت النهضة بمظاهرها الفكرية و العلمية و الفنية أفكارا جديدة كان لها اثر كبير في تشكيل ذوق وفكر الإنسان الأوربي الذي شمل جميع الميادين حتى الميدان الديني منها.
III الإصلاح الديني:شهدت أوربا خلال القرنيين 15 و 166 حركات إصلاحية دينية تزعمها دينيون تأثروا بأفكار الحركة الإنسية فوجهوا عدة انتقادات للكنيسة الكاثوليكية وطالبوا بإصلاح ديني يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
دوافع الإصلاح الديني في أوربا خلال القرنين 15 و 16م :
أ- انحرافات الكنيسة الأوربية خلال القرنين 15م و16م:
- بيع صكوك الغفران من طرف الكنيسة الكاثوليكية :عادت الكنيسة الكاثوليكية تبيع صكوك الغفران مقابل النجاة من النار وضمان المغفرة له والدخول إلى الجنة حيث كانت الكنسية تبيع صكوك الغفران للفلاحين الذين يمثلون الفئة الفقيرة وليس لهم أية سلطة وبالتالي عليهم الخضوع المطلق للكنسية، وقد نهجت الكنيسة الكاثوليكية عدة طقوس لبيع صكوك الغفران حيث برزت بيعها لهذه الصكوك بحجة بناء كنيسة القديس بروما وذلك في عهد البابا جيل الثاني وخليفته ليون العاشر.
وظهرت نظريات لتفسير الكون، فقد أعلن العالم البولوني كوبونيك نظريته التي فند بها اعتقاد الكنيسة في أن الأرض ثابتة وتشكل مركز الكون، وأكد الايطالي غاليلي نظرية كوبونيك واثبت وجود كواكب أخرى إلى جانب المجموعة الشمسية، وتصدت الكنيسة لهذه النظرية
وعرف الطب تقدما فتح الطريق أمام اكتشاف جسم الإنسان وبدأ الأطباء يمارسون التشريح رغم معارضة الكنيسة فتمكن البلجيكي اندري فيزار اعتمادا على التشريح من وضع وصف لأعضاء جسم الإنسان، واكتشف الإسباني ميكل سيرفت الدورة الدموية الصغرى وطور الفرنسي أنبرواز باري العمليات الجراحية لإيقاف النزيف الدموي
لقد روجت النهضة بمظاهرها الفكرية و العلمية و الفنية أفكارا جديدة كان لها اثر كبير في تشكيل ذوق وفكر الإنسان الأوربي الذي شمل جميع الميادين حتى الميدان الديني منها.
III الإصلاح الديني:شهدت أوربا خلال القرنيين 15 و 166 حركات إصلاحية دينية تزعمها دينيون تأثروا بأفكار الحركة الإنسية فوجهوا عدة انتقادات للكنيسة الكاثوليكية وطالبوا بإصلاح ديني يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
دوافع الإصلاح الديني في أوربا خلال القرنين 15 و 16م :
أ- انحرافات الكنيسة الأوربية خلال القرنين 15م و16م:
- بيع صكوك الغفران من طرف الكنيسة الكاثوليكية :عادت الكنيسة الكاثوليكية تبيع صكوك الغفران مقابل النجاة من النار وضمان المغفرة له والدخول إلى الجنة حيث كانت الكنسية تبيع صكوك الغفران للفلاحين الذين يمثلون الفئة الفقيرة وليس لهم أية سلطة وبالتالي عليهم الخضوع المطلق للكنسية، وقد نهجت الكنيسة الكاثوليكية عدة طقوس لبيع صكوك الغفران حيث برزت بيعها لهذه الصكوك بحجة بناء كنيسة القديس بروما وذلك في عهد البابا جيل الثاني وخليفته ليون العاشر.
- إخلال البابوية بواجباتها الدينية: شهدت الكنيسة المسيحية في عصر النهضة الأوربية انحراف البعض من الباباوات حيث كان البعض تقيا والبعض الآخر يهتم بممارسة الترف والبذخ والرخاء حيث أصبحت الكنيسة في هذا العهد تهتم بالأموال أكثر مما تهتم بالإصلاح، ومن الباباوات الذين كانوا يتناولون المصاريف الباهظة ليون العاشر (1513م و 1521م)
ب - انتقاد الكنيسة من طرف عدة ممهدين للإصلاح الديني:
- المصلح الديني جان ويكلف (1320م-1384م) : الذي انتقد الكنيسة المسيحية في مبالغها في جمع اكتناز الأموال ولذلك دعا إلى الاستحواذ على ممتلكات الكنيسة واستغلالها في إصلاح البلاد الاقتصادية والاجتماعية ولتحذر من استغلالها وسلطتها بعد أن تبين بأن سلوكات رجل الدين لا علاقة لها بما يأمر به الدين المسيحي.
- المصلح الديني جان هس (1370م- 1415م): قام جون بانتقاد الكنيسة انتقادا شرسا ودعا إلى عدم تقديس البابوية لأن أفكارها وسلوكها بعيدين عن الديانة المسيحية وأن تصرفاتها الفاسدة تتنافى مع القيم التي يدعو إليها الإنجيل، وقد أدى به انتقاده إلى إعدامه من طرف الكنيسة سنة 1415م وذلك بتهمة الهرطقة (الردة).
- المصلح الديني إيرازم (1536م -14677م ) : انتقاد إيرازم للرهبان المسيحي بكونهم قوم ظلام قساة، استسلموا للخرافات ودعوته للعودة إلى الإنجيل لهم القيم الحقيقية والتخلص من السلطة الكاثوليكية التي تتنافى مع الديانة المسيحية.
- المصلح الديني جان ويكلف (1320م-1384م) : الذي انتقد الكنيسة المسيحية في مبالغها في جمع اكتناز الأموال ولذلك دعا إلى الاستحواذ على ممتلكات الكنيسة واستغلالها في إصلاح البلاد الاقتصادية والاجتماعية ولتحذر من استغلالها وسلطتها بعد أن تبين بأن سلوكات رجل الدين لا علاقة لها بما يأمر به الدين المسيحي.
- المصلح الديني جان هس (1370م- 1415م): قام جون بانتقاد الكنيسة انتقادا شرسا ودعا إلى عدم تقديس البابوية لأن أفكارها وسلوكها بعيدين عن الديانة المسيحية وأن تصرفاتها الفاسدة تتنافى مع القيم التي يدعو إليها الإنجيل، وقد أدى به انتقاده إلى إعدامه من طرف الكنيسة سنة 1415م وذلك بتهمة الهرطقة (الردة).
- المصلح الديني إيرازم (1536م -14677م ) : انتقاد إيرازم للرهبان المسيحي بكونهم قوم ظلام قساة، استسلموا للخرافات ودعوته للعودة إلى الإنجيل لهم القيم الحقيقية والتخلص من السلطة الكاثوليكية التي تتنافى مع الديانة المسيحية.
2- قيام الإصلاح الديني البروتستانتي:
- ألمانيا : مارتن لوثر (1483-1546) ارتبطت حركة لوثر بتكوينه الديني من خلال زيارته لروما حيث عاد بانطباع سيء عن حياة البابوية حيث وقف على مظاهر الفساد والانحلال الخلقي من خلال ممارستهم لحياة البذخ والملذات، ورفضه لصكوك الغفران لأن المغفرة مرتبطة بالإيمان إنما كان يشغل فكر لوثر هو البحث عن خلاص للإنسان وبالتالي كانت القاعدة الأساسية لحركته هي عقيدة التبرير بالإيمان وتتلخص فيما يلي : نفي العظمة عن رجل الدين, ومنع ترويج الصكوك الغفران – الرجوع إلى الكتاب المقدس وفهمه فهما صحيحا بأن الغفران مرتبط بالعمل الصالح... الإيمان مسألة فردية , فطلب منه البابا التخلي عن أفكاره ولما رفض اتهمه بالتكفير.
لقد عارض لوثر كل الصدقات والأموال التي يستغلها رجال الدين بطرق غير شرعية.لقيت حركة لوثر ترحابا كبيرا من لدن الفلاحين و الأمراء و البرجوازيين و المثقفين في ألمانيا و خارجها.
لكن لوثر تحالف مع الأمراء و الإقطاعيين ضد الفلاحين الذين قاموا بثورة 15422م فعارضها لوثر معارضة شديدة لإيمانه بضرورة الخضوع للسلطة الدنيوية لأنها هبة من الله.
لقد عارض لوثر كل الصدقات والأموال التي يستغلها رجال الدين بطرق غير شرعية.لقيت حركة لوثر ترحابا كبيرا من لدن الفلاحين و الأمراء و البرجوازيين و المثقفين في ألمانيا و خارجها.
لكن لوثر تحالف مع الأمراء و الإقطاعيين ضد الفلاحين الذين قاموا بثورة 15422م فعارضها لوثر معارضة شديدة لإيمانه بضرورة الخضوع للسلطة الدنيوية لأنها هبة من الله.
- سويسرا : ارتبط الإصلاح بحركة اليرك زونغلي(1484-1531) حيث اعتمد هذا الأخير مبادئ لوثر في رفضه صكوك الغفران وابتزاز الكنيسة للناس عن طريق جمع الضرائب و العشور إلا أن الأمر سيؤدي إلى اندلاع الحرب ومقتل المصلح زونغلي وهزيمة الجيوش البروتستانتية في معركة كابل 1531.
لكن انتشار الإصلاح في سويسرا ارتبط بالحركة الكالفانية التي دافع عنها جان كالفان(18644-1519)،انطلقت حركته من فرنسا قبل لجوئه إلى سويسرا،وقد كانت أكثر تنظيما حيث جمع أفكاره الإصلاحية بشكل منظم في كتابه مبادئ الدين المسيحي الذي ترجمه إلى الفرنسية وقد تضمن مبادئ اتفق بها مع لوثر بإعطاء الأولوية للكتاب المقدس، وربط الغفران بالأمور القدرية، كما اهتم كالفان كذلك بالجانب السياسي حيث كون جمهورية ثيوقراطية بجنيف جعل السلطة فيها للمرشدين الدينيين .إذ لاحظ تصاعد دور الكنيسة وخضوع الدولة لها.
لكن انتشار الإصلاح في سويسرا ارتبط بالحركة الكالفانية التي دافع عنها جان كالفان(18644-1519)،انطلقت حركته من فرنسا قبل لجوئه إلى سويسرا،وقد كانت أكثر تنظيما حيث جمع أفكاره الإصلاحية بشكل منظم في كتابه مبادئ الدين المسيحي الذي ترجمه إلى الفرنسية وقد تضمن مبادئ اتفق بها مع لوثر بإعطاء الأولوية للكتاب المقدس، وربط الغفران بالأمور القدرية، كما اهتم كالفان كذلك بالجانب السياسي حيث كون جمهورية ثيوقراطية بجنيف جعل السلطة فيها للمرشدين الدينيين .إذ لاحظ تصاعد دور الكنيسة وخضوع الدولة لها.
- انجلترا : جاء هذا الإصلاح نتيجة لخلاف الملك الانجليزي هنري الثامن مع البابوية بسبب رفض البابا زواجه الأول, ورغبة هنري في الاستيلاء على ممتلكات الكنيسة, مما جعله ينفصل عن البابوية وتزعمه للكنيسة الإنجليزية وبالتالي أعلنت الكنيسة قرارا بتكفيره. كما أصدر البرلمان الإنجليزي قانون السيادة سنة 1531م ، ومضمونه أن الملك هو القائد الأعلى يتمتع بجميع السلط مما أحدث قطيعة نهائية مع الكنيسة الكاثوليكية.
و قد تسببت هذه الإصلاحات الدينية في نشوب نزاعات طويلة وحروب ضاربة في أوربا انشقت على اثر هذه الأخيرة إلى حزبين متعاديين الكاثوليكي و البروتستانتي تقاتلا طيلة القرنين السادس و السابع عشر حتى اقتنعا بضرورة التسامح و التعايش العقائدي فيما بينهما.
و قد تسببت هذه الإصلاحات الدينية في نشوب نزاعات طويلة وحروب ضاربة في أوربا انشقت على اثر هذه الأخيرة إلى حزبين متعاديين الكاثوليكي و البروتستانتي تقاتلا طيلة القرنين السادس و السابع عشر حتى اقتنعا بضرورة التسامح و التعايش العقائدي فيما بينهما.
خاتمة: شكلت حركة النهضة ثورة ثقافية واسعة شملت مختلف مناطق أوربا و اتخذت أشكالا متنوعة تميزت في مجملها بمعارضة أفكار الكنيسة الكاثوليكية و عكست طموحات البرجوازية الناشئة في إعطاء الأولوية للفرد و فسح المجال أمام المبادرات الفردية عاملة بذلك على إرساء قاعدة فكرية لنمو النظام الرأسمالي.
المراجع المعتمدة:د. محمد مظفر الأدهمي، دراسات في التاريخ الأوربي الحديث، مكتبة المعارف، الرباط، 1984.
عبد العزيز نوار/محمود محمد جمال الدين ،التاريخ الاوربى الحديث من عصر النهضة الى الحرب العالميه الاولى، دار الفكر العربى ،الطبعة 1999.
وزارة التربية الوطنية، كتاب تاريخ العالم الحديث، السنة الرابعة الثانوي، دار النشر المغربية، طبعة 1985.
وزارة التربية الوطنية، كتاب التاريخ، السنة الثانية الثانوي، مكتبة المعارف الجديدة، طبعة 1996.
وزارة التربية الوطنية، كتاب التاريخ العصر الحديث، السنة الأولى ثانوي، مكتبة المعارف الجديدة، طبعة 1992.
جورج ليفه، موسوعة تاريخ أوربا العام منذ بداية ق 14 وحتى نهاية ق 18، ج2 ، منشورات عويدات – بيروت – باريس.
عبد العزيز نوار/محمود محمد جمال الدين ،التاريخ الاوربى الحديث من عصر النهضة الى الحرب العالميه الاولى، دار الفكر العربى ،الطبعة 1999.
وزارة التربية الوطنية، كتاب تاريخ العالم الحديث، السنة الرابعة الثانوي، دار النشر المغربية، طبعة 1985.
وزارة التربية الوطنية، كتاب التاريخ، السنة الثانية الثانوي، مكتبة المعارف الجديدة، طبعة 1996.
وزارة التربية الوطنية، كتاب التاريخ العصر الحديث، السنة الأولى ثانوي، مكتبة المعارف الجديدة، طبعة 1992.
جورج ليفه، موسوعة تاريخ أوربا العام منذ بداية ق 14 وحتى نهاية ق 18، ج2 ، منشورات عويدات – بيروت – باريس.
0 التعليقات:
إرسال تعليق