القيم الاجتماعية في رواية ” دفنا الماضي ” لـ عبدالكريم غلاب/الأمين العمراني

القيم الاجتماعية في رواية ” دفنا الماضي ” لـ عبدالكريم غلاب/الأمين العمراني


القراءة التوجيهية :
الرصيد المعرفي:

ينطلق المنهج الاجتماعي من مُسَلَّمة أساسية و هي أن الواقع الاجتماعي يؤثر في الإبداع الأدبي ، و إذا أردنا فهم هذا الإبداع فيجب أن نضعه في السياق الاجتماعي الذي أنتجه ، لأن المبدع ليس سوى وسيط بين النص و المجتمع .
إضاءة :
مصطلحات و مفاهيم المنهج الاجتماعي :
- الرؤيــة للعالم: و المقصود بها الطريقة التي تنظر بها طبقة اجتماعية إلى العالم والوجود والإنسان والقيم . وتكون مخالفة لرؤية طبقة اجتماعية أخرى: فمثلا رؤية الطبقة البرجوازية للعالم تختلف عن رؤية الطبقة البروليتارية ، ورؤية شعراء التيار الإسلامي مختلفة جذريا عن رؤية شعراء التيار الاشتراكي في أدبنا العربي المعاصر .
- الوعي القائم والوعي الممكن :فالوعي القائم هو الوعي الواقعي الموجود لدى الشخصية في الحاضر . أما الوعي الممكن فهو وعي إيديولوجي مستقبلي يسعى إلى التغيير والتطوير .
- مفهوم الالتزام :و يعني ان الأديب أو المبدع ينخرط بشكل إيجابي في قضايا مجتمعه ووطنه و أمته .
تأطير النص :
أ . صاحب النص :
ناقد مغربي من مواليد طنجة ، حاصل على شهادة الدكتوراه ، اهتم بالنقد الدبي و خاصة في مجال الرواية ، من ابرز مؤلفاته ” الرواية المغربية بين قيود التاثر و مغامرة التجريب ”
ب . نوعية النص ومصدره :
نص نقدي يعالج فيه الدارس رواية ” دفنا الماضي ” لـ عبدالكريم غلاب من منظور المنهج الاجتماعي ، وهي مأخوذة من كتاب ” الرواية المغربية بين قيود التأثر و مغامرة التجريب ” مطبعة الطوبريس – طنجة – ط1 / 2003 م ص 101- 104
ج . ملاحظة العنوان ووضع الفرضية:
يشير العنوان إلى موضوع الدراسة وهو رواية ” دفنا الماضي ” كما يحدد نوع الدراسة التي سيخضع لها و هي البحث في القيم الاجتماعية الجديدة التي تتوفر عليها ، من هنا نجد ان الدارس كان واضحا في عنوانه و نتوقع أن يعالج هذه الرواية من هذه الزاوية التي يرتبط فيها العمل الإبداعي بالواقع الاجتماعي الذي أفرزها .
أنشطة الفهم :
المحور العام:
تأكيد الناقد أن القيم الاجتماعية الجديدة في رواية ” دفنا الماضي ” كان انعكاسا لظروف اجتماعية و سياسية و تاريخية عرفها المجتمع المغربي في فترة زمنية ما.
المضمون النقدي :
يستهل الناقد دراسته لرواية ” دفنا الماضي ” لـ عبد الكريم غلاب بالإشارة إلى كونها بشرت بمجتمع مغربي جديد تسوده قيم جديدة كالمساواة و العدل و تنتفي فيه القيم التقليدية كالنخاسة ، لينتقل بعد ذلك إلى تحديد أهم العوامل التاريخية و السياسية والاجتماعية التي كانت وراء ذلك ، وهي عوامل أجملها في انفتاح المغرب على العالم و ما يسوده من أعراف ديمقراطية و ثقافة متحررة ، بعد ذلك يؤكد الناقد أن هذه الرواية اهتمت بالنقد الاجتماعي الداعي إلى الإصلاح و إلى التخلص من التقاليد البالية ، والنتيجة أنها انتصرت للنزعة الإصلاحية على حساب النزعة الفنية الجمالية بسبب اعتمادها منطلقات الكتابة الواقعية المتمثلة أساسا في تصوير قضايا المجتمع المغربي في مرحلة تاريخية ما ، وقد انتهى الناقد إلى أن عبد الكريم غلاب وضع خاتمة لروايته تصبو إلى الإيحاء كما تصبو إلى تبليغ رسالة اجتماعية إصلاحية .
القراءة التحليلية :
1. اعتمد الناقد الأمين العمراني على المنهج الاجتماعي التاريخي في تحليله للنص الأدبي ” دفنا الماضي ” و يمكن الاستدلال على ذلك من خلال عنصرين متكاملين هما:
أ‌- المفاهيم و المصطلحات النقدية التي يعتمدها الناقد و التي تأخذ مرجعيتها مما هو اجتماعي أو سياسي أو تاريخي مثل ( مجتمع ، فوارق طبقية ، اجتماعية ، ديمقراطية ، التقاليد ، الأعراف ، النخاسة ، الواقع ، صراعاته ، عهد جديد ، الحرية ، الاستقلال ، الكرامة …)
ب‌- طريقة التفسير :حيث يربط الناقد ما جاء في هذه الرواية من أحداث و قيم بالظروف الاجتماعية والسياسية التي عرفها المغرب في فترة ما قبل الاستقلال ، من ذلك مثلا تفسيره لتضمن الرواية بعض القيم الإنسانية الممكنة كالعدل و المساواة بكون هذه القيم كانت حلما للمغاربة في فترة تميزت بانفتاح المغرب التدريجي على العالم الخارجي ، وهي نفسها المرحلة التي تتحدث عنها الرواية ،فهو هنا يفسر حدثا في الرواية من خلال ربطه بظرف سياسي عرفه المغرب قبيل الاستقلال ، و الأمر نفسه بالنسبة للقيم الكائنة التي تحدثت عنها الرواية كالنخاسة والمعاملة السيئة للمرأة ، وهي قيم اجتماعية كانت موجودة في المجتمع المغربي آنذاك.
2. استفاد الناقد الأمين العمراني في دراسته لرواية ” دفنا الماضي ” من بعض المفاهيم التي استخدمها الناقد لوسيان غولدمان ، فقد تحدث عن ظواهر اجتماعية موجودة في الواقع المغربي مثل النخاسة و المعاملة السيئة للمرأة ، وهذا ما يصطلح عليه بالوعي الكائن ، كما بشرنا بواقع مغربي مختلف يؤمن بحرية الإنسان و كرامته و هذا ما يعرف بالوعي الممكن ، كما أن الناقد أشار إلى أن الرواية تقدم وجهة نظر الكاتب تجاه المجتمع المغربي في مرحلة ما ، وهي في نهاية الأمر وجهة نظر فئة اجتماعية كاملة ، وهذا ما يعرف بالرؤية إلى العالم .
3. اعتمد الناقد الأسلوب الاستنباطي حيث انطلق من الحكم ( تبشير رواية ” دفنا الماضي” بقيم جديدة )و انتهى إلى التحليل و الشرح و إعطاء الأمثلة ، كما اعتمد عددا من أساليب التفسير مثل الوصف ( يعتبر عبدالرحمان شخصية رئيسية ضمن الرواية …) و السرد و المقارنة ( مقابل هذه النهاية الحزينة يضع نهاية سعيدة هي بداية مستقبل مشرق ) و الاستشهاد ببعض المقاطع من الرواية .
يتميز هذا النص بعدد من مظاهر الاتساق نذكر منها العطف كما في قوله ( تسود فيه قيم جديدة تنبذ التمييز و تؤمن بالمساواة )، وكذلك الإحالة النصية القبلية كما في قوله ( خروج البلاد من مرحلة الانغلاق و انفتاحها على العالم ) فالهاء هنا ضمير يحيل على لفظ البلاد الموجود في النص قبلها .
التركيب :
اعتمد الناقد الأمين العمراني المنهج الاجتماعي في تحليل النص الروائي ” دفنا الماضي ” و قد انعكس ذلك على المصطلحات و المفاهيم النقدية التي استخدمها و التي كانت ذات مرجعية في علم السوسيولوجيا كما تجلى ذلك في اعتبار المتن الروائي انعكاسا للظروف الاجتماعية و التاريخية السائدة في المغرب قبيل الاستقلال و بعيده .


اخواني لا تقرأوا وترحلوا ادعمونا بتعليق اولايك
شارك على جوجل بلس

عن maroc tk

هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع

26 التعليقات:

  1. شكرا لكم على هذا المجهود الرائع الذي قدمتم لنا ❤

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيرا 🤲🤍

    ردحذف
  3. طريقة جميييلة و واضحة شكراا جزيلا لكم 🥀

    ردحذف