بيان مناصرة لأهلنا في غزة

                                              بيان مناصرة لأهلنا في غزة

مجموعة علماء
7 شوال 1435هـ

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه
 أما بعد:

  فيتابع العالم أجمع هذه الأيام ما تقوم به دولة يهود بتواطؤٍ وتمالؤٍ من دول الكفر وعملائهم في المنطقة، من حرب شرسة على إخواننا المظلومين المستضعفين في قطاع غزة، مارس فيها العدو توحشه العسكري وطغيانه في القتل والدمار، واستهدافه للمدنيين من النساء واﻷطفال والمساجد والملاجئ والمستشفيات والمدارس بكل جبروت وإرهاب، وهي الحرب التي جاءت على خلفية حصار سياسي واقتصادي ظالم عانى منه هذا القطاع لأكثر من سبع سنين، وكان الهدف من ذلك كله إخضاع هذا القطاع الصامد لإرادة اليهود المغتصبين، وترويضه ونزع روح الجهاد والمقاومة منه ومن أهله الأبطال.

  وإن مصاباً جللاً كهذا المصاب لا يجوز للمسلمين السكوت عنه، ولا الانشغال عنه بغيره من أحداث منطقتنا الجسام، فإن المسلمين كالجسد الواحد يفرح أحدهم لفرح أخيه ويحزن لحزنه، ويتسابقون لنصرة بعضهم بكل أنواع النصرة الممكنة دون تباطؤ أو تثاقل، امتثالاً لقول الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71].
ولهذا فإن الموقعين على هذا البيان أداءً للأمانة التي أخذها الله عليهم، وقياماً بواجب النصرة لإخوانهم في غزة، يتوجهون بالرسائل الآتية:
الرسالة الأولى: إلى أهلنا الصامدين في غزة، الذين نكبر فيهم ثباتهم وشموخهم وقوتهم وتضحياتهم الكبيرة شيوخاً ونساءً وأطفالاً، ونوصيهم بأن يتسلحوا بالصبر والتقوى وعبادة الله كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]، فإن الله {مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]، ومن كان الله معه فلن يضره كيد العدو شيئاً كما قال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما ينصر الله هذه اﻷمة بضعيفها: بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم)) رواه النسائي وصححه الألباني.
  ومن ثمرات الصبر والتقوى: صدق التوكل على الله والتفويض إليه في جميع الأمور واستنصاره وصدق اللجأ إليه في الدعاء امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا كما قال: ((اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم)) رواه البخاري ومسلم.
ونرجو أن يكون لكم نصيب وافر من قول الحق تبارك وتعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].
  ونوصيكم بأن تكونوا ردءاً ونصيراً ﻷبطال المقاومة، وأن تقفوا معهم صفاً واحداً تحوطونهم من ورائهم، وتخلفونهم في أهلهم، وتحفظونهم في غيابهم، وتقطعون الطريق على المفسدين الذين يريدون أن يفرقوا صفكم ويفسدوا عليكم اجتماعكم، ونوصيكم بوصية الله عز وجل في قوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].
الرسالة الثانية: نوجهها إلى المجاهدين المرابطين في الثغور، الذين أذهلوا الصهاينة، بل العالم كله بصلابتهم وإنجازاتهم البطولية، واستبسالهم في الوقوف صفاً مرصوصاً في وجه العدو، وقدرتهم على نقل المعركة إلى العمق الصهيوني وصفوفه الخلفية، ونوصيهم بوصية الله تعالى للمجاهدين في سبيله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]، فأحسنوا الظن بالله عز وجل وجردوا القصد له سبحانه، وانصروا ربكم بطاعته وامتثال أمره ونهيه {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، ومن نصره الله فلن يضره مخالفة المخالفين ولا تخذيل المخذلين، فلا تلتفتوا للدعوات النشاز التي يضج بها فضاؤنا الإعلامي وساحاتنا السياسية، فالمسلمون منها بريؤون {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].

  ولكون هذه الملحمة معركة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه، فإننا نوصي الجناح السياسي للمقاومة - كما عودونا - بالثبات على اﻷمر، وعدم الاستسلام للضغوط المتتابعة من داخل الصف وخارجه، فما لم يستطع العدو انتزاعه منكم في ساحة المعركة فلا تسمحوا له بأن ينتزعه في المفاوضات السياسية، وتذكروا وصايا ربكم جل وعلا القائل: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104]، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

   ونؤكد في هذا المقام على أهمية يقظة إخواننا المجاهدين في غزة لمكر العدو الصفوي الإيراني وصنائعه كحزب اللات، الذي قد يستغل تخاذل حكومات العرب عن نصرة إخوانهم ليكسب ببعض المواقف تعاطف المغفلين من بعض أبناء أمتنا، وهو العدو الذي كشر عن أنيابه على إخواننا في سوريا والعراق، فكيف نثق به بعد كل ذلك ؟! فاقطعوا أيها المجاهدون تعلق قلوبكم بالخلق، وعلقوها بالخالق مع الأخذ بالأسباب المشروعة.
الرسالة الثالثة: لعموم المسلمين، نذكرهم فيها بحقوق الأخوّة الإسلامية كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) رواه مسلم، والأخوة عقد إيماني عظيم يجمع أطراف الجسد المسلم، ثمرته: النصرة والعون والاجتهاد في رفع الظلم بما يمكن من الأسباب، ومن أعظم ذلك التوجه إلى الله تعالى بالدعاء والقنوت في جميع الصلوات، والمسارعة في إغاثة أهل غزة وإعانتهم مادياً ومعنوياً بكل أنواع المساعدة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم)) رواه أبوداود والنسائي وصححه الألباني.

  والتقصير في ذلك سبب من أسباب الفتنة والفساد، قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73]، قال اﻹمام الطبري في تفسير هذه اﻵية: "إلا تفعلوا ما آمركم به من التعاون والنصرة على الدين تكن فتنة في اﻷرض".

  وها نحن نشهد في هذه المعركة كيف تداعت القوى الكبرى في العالم لدعم ربيبتهم دولة العدو الصهيوني، كما في إعلان مجلس الشيوخ الأمريكي دعم القبة الحديدية بمبلغ 225 مليون دولار، وهذا يوجب علينا أن نطرح سؤالاً كبيراً على العالم العربي والاسلامي يقول: ما هو حجم دعمنا في العالم العربي والإسلامي لإعمار ما تهدم ومداواة الجرحى ومواساة أهل غزة ؟! فالمسلمون أولى بهذا التناصر والتعاون، ويجب أن لا تقتصر نصرتنا لأهلنا في غزة على وقت الحرب، فجراحاتهم غائرة وحاجاتهم كبيرة، ويجب أن نستمر في نصرتهم ولملمة آلامهم والتخفيف من مصابهم، وربما تكون مرحلة ما بعد الحرب أشد حاجة، والله تعالى يقول: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

الرسالة الرابعة: إلى علماء الأمة ودعاتها، ونذكرهم فيها بمسؤوليتهم العظيمة أمام الله عز وجل في نصرة المظلومين، والسعي لكف الظالمين وردعهم أياً كانوا، وبيان الحق الواجب في هذه النازلة دون تردد أو تباطؤ، وأي خير فيمن يرى أشلاء المسلمين تتناثر ودماءهم تسيل أنهاراً، وهو بارد القلب ساكت اللسان؟!

إن المعول على العلماء والدعاة من أمتنا كبير، وإننا نعيذهم بالله من وعيده عز وجل ووعيد رسوله صلى الله عليه وسلم لمن كتم العلم والحق، أو شارك في التلبيس على المسلمين وأعان الظالم ولو بشطر كلمة.

  وكما أن المسؤولية على العلماء والدعاة كبيرة، فإن على رجال المال والإعلام من أبناء أمتنا مسؤولية عظيمة في سد حاجات أهل غزة ونصرتهم، وكف أذى السفهاء عنهم.
الرسالة الخامسة: نوجهها إلى المتصهينين العرب، الذين يشمتون بالمقاومة ويشوهون صورتها، من الذين قال الله تعالى في مثلهم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]، ونقول لهم كما ربنا جل وعلا لأمثالهم: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 52]، فستصبحون بإذن الله عما قريب نادمين على مواقفكم المخزية.

   ونقول للمسلمين جميعاً: لقد كشفت غزة عن الوجه القبيح لهؤلاء المنافقين من الساسة والمثقفين واﻹعلاميين، ونؤكد أن أكثر هذه المواقف المخزية ليست مجرد مناكفة لفصيل سياسي فحسب، بل هي خيانة للأمة، وسقوط في مستنقع التبعية والولاء للأعداء المحاربين، والحمد لله الذي أظهر فسادهم وكشف عوارهم، ولعل في هذه الحرب خيراً كثيراً كما قال ربنا جل وعلا: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، من إعطاء الأمة الأمل في قدرتها على مواجهة العدو الأشد (اليهود)، وكشفها عن الأعداء المعوقين المستترين (المنافقين).
الرسالة السادسة: إلى حكومات المنطقة، ونخوفهم بالله فيها من التواطؤ مع العدو الصهيوني، وخذلان المسلمين المظلومين المستضعفين، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته..)) الحديث، رواه الإمام أحمد وأبو داوود وحسنه الألباني.

  لقد كنا نسمع منكم فيما مضى الشجب والاستنكار، وها نحن اﻵن نرى بعضكم يتخلى حتى عن هذا القدر البارد، بل ويظهر خذلانه وتعاونه الصريح مع العدو، ونحن نحذركم من الظلم وعواقبه كما قال الله عز وجل: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه: 111].

وإننا تضامناً مع المسلمين جميعاً نطالب الحكومة المصرية بسرعة فتح معبر رفح بصفة دائمة، وكسر الحصار الظالم عن قطاع غزة، فإغلاقه الدائم في غير هذه الظروف الصعبة يعد من الجور والخذلان العظيم، والتواطؤ مع العدو المحارب، والوقوف معه في صف واحد ضد الأمة، فكيف به في هذه المحنة القاسية ؟!

  ونذكر جميع الحكومات بأن المخططات الصليبية والصهيونية والصفوية في المنطقة لن تستثني أحداً، فادفعوا عن أنفسكم خزي الدنيا قبل عذاب الآخرة.
وأخيرا نقول للعالم : إننا في كل نازلة تمر بها اﻷمة وخاصة في القضية الفلسطينية، نزداد يقيناً بعنصرية أكثر الحكومات الغربية والمنظمات اﻷممية، وازدواجية معاييرها وقيمها، وندرك أكاذيبها التي تتشدق بها كشعارات حقوق اﻹنسان ونحوها، وإلا فما معنى السكوت عن جرائم الحرب والقتل، وجرائم اﻹبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة أمام سمع العالم وبصره، بل إن الغرب تجاوز السكوت إلى الدعم المادي، والدفع بمشاركة أفراده في الحرب مع الصهاينة ضد المسلمين في غزة كما تناقلت وسائل الاعلام !

  أما آن لعقلاء العالم أن يقفوا في وجه الظلم ويرفعوا أصواتهم بكل جرأة لقول الحق وإقامة العدل ؟!

نسأل الله أن يرفع الشدة والبلاء عن أهلنا في غزة وعن كل المظلومين من أهلنا في الشام والعراق وليبيا واليمن، وأن ينزل بأسه على القوم المجرمين، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الموقعون
المصدر: موقع قرايتي
شارك على جوجل بلس

عن maroc tk

هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع هذه مساحة خاصة للتعريف عن الكاتب ونبذة مختصرة عن محتوى الموقع
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق