الخصائصُ العامّةُ لشعرِ تكسيرِ البنيةِ وشعر تجديدِ الرّؤيا:
يمكن إبرازُ خصائصِ كلٍّ من تيار تكسير البنية وتيَّارِ تجديد الرُّؤيا على صعيدي الشّكل والمضمون في العناصر التّاليّة:-المضمون: ثار شعراء تكسير البنية وتجديد الرؤيا على المضامين القديمة، وسعوا إلى جعل شعرهم يرتبطُ بنبض الواقع وحركية الحياة التي لا تعرف التوقف عند لحظة تاريخية واحدة، وهكذا جدّد هؤلاء في مواضيعهم وقلَبوا ظهر المِجَنِّ للمضامين القديمة التي لم تعد تصلُح لينظُم عليها الشاعر قصائده، ومن هذه المضامين نذكر: الغربة والضّياعِ، الحياة والموت، شعر المدينة، السَّلام ، نقد الواقع السياسي ، هجاء الأنظمة، موضوعةُ الموتِ الذّاتي أو الحضاريّ...
-الشّكل: اقتنع شعراء الحداثة بأنَّ المضمون الجديد يستدعي ضرورة شكلا جديدا يحتويه وينقله ، وبناء على هذه القناعة هرَع هؤلاء إلى التَّجديد في الشَّكل الشّعري لغة وإيقاعا وتصويرا:
+فمن ناحية اللغة : صارت في غالبها الأعم تتَّسم بالليونة والألفة والابتعاد عن الصرامة والمتانة التي ارتبطت بالشعر القديم، بيد أننا نلفي أنماطا من اللغة في الشّعر الحديث منها اللغة ذات النّفس التقليدي، واللغة ذات الإيقاع الهامس الشّفَّاف المتَّسمة بالليونة وهي القريبة من لغة الحديث الحية، وأخيرا لغة التّجريب التي تخرق العلاقات المنطقية بين الكلمات وتقوم في أُسِّها على الهدْم والانتهاك والكشف الدّائم والرَّمزية الموغلة في التّجريد بحيث يستعصي فهمُها في أحايينَ كثيرة ؛
+أما من ناحية الإيقاع فالتغيير كان أبرزَ وأظهر، حيث تخلَّى شعراء الحداثة عن نظام الشّطرين معوّضين إياه بنظام الأسطر المتفاوتة الخاضعة في طولها وقصرها للنّسق الشعوري ، وعوّضوا البيت الشّعريّ بنظام التفعيلة، إضافة إلى التّخلّي عن القافية المطّردة والرويِّ الموحد، ولو أنهم-في العمق- لم يتخلوا عن القافية مطلقا. واشتد الخروج عن النظام الشكلي ضراوةً مع تيار تجديد الرؤيا الذي اهتم بالتّجريب المستمر واكتشاف أراضٍ إيقاعيّةٍ وشكلية جديدة ، مما جعله لا يستقر على شكل معيّن وهو ما خرج به إلى قصيدة النثر.
+ومن ناحية الصورة الشّعرية فلم تعُد مرتبطة بالذّاكرة أو مستقاة من المحفوظ الشّعري، بل صارت وليدة التجربة الحياتية والنَّفسية والشُّعورية، ومعبرة عن الواقع والحياة والنفس والفكر، وارتبطت عند شعراء تجديد
الرؤيا بالرمز والأسطورة .
سعيد بكور
0 التعليقات:
إرسال تعليق